الخميس، 25 أكتوبر 2018


قراءة في قصة حسام_الثني ((عفريت))

"النص"جليانة بنت عشرين.. تقبض بكفها ع الريح وتخلق المعنى.. في حقيبة يدها تخبي حبيبها.. تزمّ المواقف الجادة بشفايفها وتمشي لقرايتها.. في الجامعة، حبيبها هادي في الشنطة ما يشاكس لا يدير دوشه.. هكي وعَدْهَا "شيليني معاك ما ندير شي. كي تستحقي ويبدا الأمر لابد امسحي بكفك جنب الحقيبة. نخرجلك مارد عنيف".. المارد يدافع عنها.. المارد يقرّيها.. عفريت يعرف إجابات الـمُمْتَحِن قبل السؤال.. كان جليانة نسيَت كراسها ف الحوش أو تبي شيت م التصوير هو يجيبه قبل يرتد طرف العين. (جليانة تكحّل هدبها بليل طويل طول شعرها).. وكان جاعت وقت الفطور ينزّل عليها مايدة من الغيم.. كان عطشت يسقيها ندى من خدود الورد. ويمسح بلاط الكون باللي يهينها.ف الليل تفرد شعرها على صدر العفريت.. يحكيلها: أنا زمان كنت مارد مُطيع لسيدنا سليمان.. وفي لحظة ضعف عصيته. حبسني في الحقيبة آلاف السنين. مات عليه السلام قبل يسامحني. كفرت بيه ورب كل الكون.. ونويت نشّيطَن نهزّ عرش المجتمع.. لكن ما قدرت نكون إلا حنون.. الحبس كَسّر ضلوعي. أنتِ بنت يا جليانة وتعرفي معنى السجون. أنتِ بنت يا جليانة وتعرفي معنى قيود الآخرين.. قاتل إحساس إنك تكوني رهن آوامر آخرين.. تفقدي احساسك بوجهك لما ينتزعوه منك.. ويقولولك إنت أصلا مش ملك نفسك.. لما تشتهي ملح البحر، وما تشميه.. لما تحتاجي فنجان قهوة مع صديق، ويجرّموك. أو تفردي شعرك جناح الريح تحت النور ويحجبو عنك الغروب!.... أنعم يا جليانة أنا كفرت بسليمان النبي زي ما كفرتي بالذكور. وقررت نؤمن بس باللي يحرر ضلوعي من الحقيبة.جليانة تحس رعشة خوف.. ما تحب شي يهزّ أركانها.. ما تبي كفر "استغفر الله العظيم" تبي سلام.. حتى إنكان على حساب ضلوعها.. والجن كافر كافر وملعون.. بس كان حنون يحبها. وهي زاد تحبه.. وتمرر أناملها على أنفه الجميل. ويقول: "في عينِك لمعة غريبة.. مَسحة وداع.؟. صح؟ الجن ما يعلم الغيب يا جليانة لكن يعرف نظرات الوداع.. يعرف آلام الرحيل قبل الرحيل.. نبيك يا جليانة.. لكن لو قررتي نغادر تلقيني عبدك مطيع..". قالت جليانة "امشي.. معَش نبيك" وكان قصدها "نحبّك".. قالت "تي عَدّي.. عتقتك للأبد".. "أمرِك مُطاع" قال دون نقاش.. صفَّق كفيه وتبخّر ف العَدَم.. وفي لحظة غامرة بالحزن حست جليانة بفراغ كئييييب.. ضمّت مخدّتها بألم.. غرزت أظافرها وبكت بَكية طلوع الروح.....

****
النص الجميل يأسرك بنعومة ويتحتفظ بك حتى النهاية والنص الجيد هو الذي يحتفظ بك حتى بعد أن تنتهي من قراءته ..
وكان هذا النص دعوة جميلة من حسام الثني لقراءة نص تتغلغل به العامية كما العفريت بنعومة وخفة لا تزعجك ولا تبعدك عن النص بل انها أتت بذكاء او هي طريقة خاصة بالكاتب لتجعل للنص بُعداً اضافيا... ف (جليانة) الصبية الحسناء "بنت العشرين ...تقبض بكفها ع الريح وتخلق المعنى" وكأنها جنية رغم هذا "أنتِ بنت يا جليانه وتعرفي معنى السجون... أنتِ بنت يا جليانة وتعرفي معنى قيود الآخرين" النص أتى بخفة شديدة ليقوم ب".. ونويت نشّيطَن نهزّ عرش المجتمع" فالنص رغم براءته الظاهرة إلا أنه بحدة غرس سكينا حاداُ في وجه المجتمع الذي يقيد الحريات، حرية المرأة على وجه الخصوص ولم يترك النص من هذه القيود الا وأتى به "قاتل إحساس إنك رهن آوامر آخرين" فبدأ بحرية الاختيار، ثم "تفقدي احساسك بوجهك لما ينتزعوه منك" ثم بالنقاب الذي يحول وجه المرأة الى عورة "لما تشتهي ملح البحر، ومات تشميه" وهنا اتذكر دعوة حكاية ساذجة لكاتب اراد كتابة نص روائي "اسلامي" فجعل بطلة العمل تذهب الى البحر وتسبح به ... بحر لا ادري ان كان على الارض ام في كوكب "ملكية خاصة" ثم "لما تحتاجي فنجان قهوة مع صديق..ويجرّموك" وهنا لم يأت النقد فقط لمسألة الاختلاط التي يحرمها المجتمع ولكن ايضا للافكار المنحرفة التي تجعل من كل رجل يجلس مع امرأة او يتحدث اليها هو حبيبها او بينهما علاقة محرمة.."او تفردي شعرك جناح الريح" وهذا نقد اخر للحجاب الذي تغطي به المرأة شعرها... والذي كان له وقع اعمق على "جليانة" من الانتقادات الاخرى فهي "ما تحب شيء يهز أركانها ما تبي كفر استغفر الله العظيم تبي سلام" والحقيقة هنا ابتسمت فهل كانت دعوة الكاتب لهذه القصة بالذات لاحتوائها على العامية التي لم افهم منها كلمة في نص سابق له ام هي تحدي لقراءة النص الذي ينتقد حقوق المرأة وحريتها و "حجابها" الذي ارتديه ؟
"تبي سلام حتى إنكان على حساب ضلوعها" الحقيقة أن النص ماكر وجميل بنقده اللاذع للمجتمع ولكل ما يفرض على المرأة وحتى لا يسيء البعض الفهم فالنقد له وجهان فهو ضد القيود والنقاب والحجاب وعدم الاختلاط ولكنه ايضا مع رغبة المرأة الاصيلة بالحرية والتحرر من كل القيود، فليس اروع من أن تترك امرأة شعرها للريح ولا اجمل من ان تترك جسدك عاريا تماما بين كفي الماء المالح، لكن هنا وبعيدا عن "الغضب" الخفي الذي يغلف النص و"النقد الشرس" الذي اخفته ببراعة لغة جميلة وعامية ناعمة ...بعيدا عن كل هذا اود الاشارة إلى امرين في غاية الاهمية وهما أن المرأة وحدها تقرر ان كانت تخضغ لهذه القيود "وهي كارهة" او تخضع لها لان "هذه الحياة لم تأت لتحقيق الرغبات" وحتى لا ندخل في متاهات يميل لها البعض فالنص خاص وليس عام بدليل النهاية الحزينة، التي فرقت الاحبة، وفصلت جليانة الجميلة عن حبيبها العفريت الذي لا "يعلم الغيب" لكنه يعرف "نظرة الوداع" النهاية محزنة وهي لا تختلف عن كثير من الحكايات المشابهة التي يفترق بها العشاق لاختلاف وجه نظر كل منهما في مسألة أنا اعتبرها شخصية ولا يجوز أن يفرضها أحدهما على الآخر... فالقناعات مرتبطة بشكل أساسي بالشخص بحريته ومصيره بعلاقته بربه وبنهايته ...

النص رائع وله ابعاد عميقة واكبر بكثير مما قدمه لنا الكاتب وهذا بالضبط النص الذي يعجبني بصرف النظر ان اتفقت او اختلفت مع افكاره فهو نص جميل وعميق وذكي جداً باستخدامه العامية والقصة الدينية لتقديم قصة تكررت في كثير من الكتابات ونهاية لا تبتعد كثيرا عن قصص العشاق التي تنتهي بالفراق... لكنه فراق "طلوع الروح" ...

ليست هناك تعليقات: