الخميس، 31 يوليو 2008

قصة ( صورته ) د. زكي العيلة


( صورته ) قصة قصيرة بقلم: زكي العيلة *
صور المرشحين وسير حياتهم الملونة البراقة، وضجيج الاختيار الصاخب يتناثر حول المرأة الصغيرة الشاردة التي تطأ صامتةً المركز الانتخابي.
نظرات المرأة المرهقة التي تلتف بردائها الأسود تغادر استمارة المرشحين والبرامج اللامعة، والسير المنمقة، والحبر الانتخابي دون أي التفاتة.
المرأة الصغيرة التي تمتلئ عيناها بحزنٍ يتسرب كغابةٍ موحشة ممتدة الفروع، تُخرج من تلافيف القلب صورةً متآكلة لطفلٍ حملته رصاصة القنص إلى القبر مبكراً.
تُمدد المرأة صورة طفلها في الصندوق، وفي عينيها المحتدمتين تتشبث رفرفاتٌ زاهية لأجنحة عصفور لا تغيب مناغاته.


في قصة (صورته) والتي جاء عنوانها مبهما كي يقف حائرا ما بين صورتين، الصورة الأولى (صورة المرشح للانتخابات، بسيرة حياته البراقة، وضجيج الاختيار الذي يتناثر حول المحيطين به) والصورة الثانية (صورة الشهيد، الطفل الذي لم تمتد حياته لتشكل سيرة ما، والذي قادته الرصاصة عنوة نحو القبر دون اختيار) وما بين الصورة المتآكلة والصورة البراقة وقفت امرأة صغيرة، وقفت ما بين الصورتين بصمت، وحيرة ، برداء أسود، وعيون مليئة بالحزن لتحلم بالغد، لتضع أملها القادم في فعل قد يقودنا لبر الأمان لكن هل يقودنا فعلا لبر الأمان؟؟ اختيار موفق لشخصية المرأة التي تمثل الخصب والأفق القادم وذلك التقابل ما بين السياسي المزيف في كثير من الأحيان وبين الحقيقي في الفعل الوطني الجبار... لنبقى على شفا الحلم ننتظر
اسئلة بعمق الفاجعة طرحها الراحل الكبير زكي العيلة في قصصه المكثفة رغم قصرها.


* د. زكي العيلة : قاص ملتزم وقلم وطني محترم وصديق يندر ان نجد مثله وككل الارواح الرائعة غادرنا بسرعة لكنه ابقى في قلب الجميع محبته التي لا تغيب. رحمه الله رحمة واسعة.

ليست هناك تعليقات: